مها سباعي من الأوائل اللذين أنشأوا تصميم المجوهرات

متابعة: المهندسة هناء صالح

تصميم المجوهرات فن وإبداع ، هو هاجس كل امرأة لإبراز جمالها وأناقتها ، وهذا ماسعت إليه المغتربة السورية مها سباعي لتحقق حلمها بإنشاء شركة للمجوهرات تحمل اسمها في دولة الإمارات العربية المتحدة لتنال المركز الثالث بين أهم خمس شركات منتجة للمجوهرات بالعالم وعلى مدار ٢٤ سنة بمجال التصميم وصناعة المجوهرات ، وبالحوار معها قصت لنا  رحلتها مع تصميم وصناعة المجوهرات منذ نشأتها بسوريا وترحالها بمعظم دول العالم حتى حققت الحلم ، مرحبا بك سيدة مها على موقع الوطن نيوز  :
– انت تتقنين الموسبقا والرسم والنحت ما تأثير ذلك على عملك كمصممة مجوهرات؟
أنا انظر للفنون كلها بانها لغة تعبير , أي لغة من تلك اللغات الفنية هي عبارة عن ادوات للتعبير فيها عن مشاعرنا وعن نظرتنا للحياة وبأي عمق نرى الامور , فالمجوهرات جزء من تلك اللغة التعبيرية , وعَبر التاريخ نرى أن المجوهرات حملت رسائل مختلفة سواءً بالحب أو السياسة وغيرها , وكل ذلك لغات تعبير , وهناك رابط كبير بين كل تلك الفنون , وبحكم أنني أمارس كل تلك الفنون فإني أدمجها بعملي الفني بمجال المجوهرات .
– كل إنسان ابن بيئته  يتأثر بها وأنت ابنة دمشق وقضيت معظم أيامك بروما كيف انعكس ذلك على عملك بتصميم المجوهرات؟
لايمكننا الفصل بين المكان الذي نعيش فيه ويحكي لنا حكايا وقصص ونحن نضيف قصتنا لكل مكان نعيش به , لايمكن تجاهل تأثير المكان علينا خاصة أن فيه تفاصيل حياتنا اليومية , لذلك كل بلد سافرت لها أضافت لي شيئ لمسيرتي , واول ملهمة لي هي دمشق حيث قضيت فيها سنوات عمري  الاولى سنوات الطفولة التي ترمز للنقاء والبياض وهي أكثر مرحلة كان فيها نقاء وحب , بعدها توجهت لروما المتحف المفتوح من الحكايا الفنية , روما أضافت لي ثقافة كبيرة , ولا أنسى دبي البلد الذي يحاكي المستقبل بلغته الخاصة .
– لم تكتفي بالتصميم بل بالصناعة كيف حققت ذلك هل بالتدريب ام الدراسة ام الهواية فقط ؟
بدايتي كانت هاوية , ومن خلال الجوائز العالمية التي نلتها دخلت على العمل بمجال المجوهرات , وذلك تطلب مني ان يكون لدي ثقافة وتمرين , لذلك درست لاحقاً مايخص المجوهرات والاحجار الكريمة حتى أخذت الموضوع بشكل أكاديمي , وعلى أرض الواقع أنا متواجدة بالورشة والمصنع أضيف لمساتي الخاصة بغض النظر بغض النظر عن العاملين والحرفيين , فالحرفةهامة لكن الإخراج النهائي للقطعة يعتمد على النظرة الفنية .
– ماهي أول قطعة صممتيها وكيف كان صداها على الوسط المحيط؟
القطعة الاولى التي صممتها هي التي شاركت بها مع مجلس الذهب العالمي عام 2000م باحد المسابقات وفازت على الشرق الاوسط بالمرتبة الأولى , وبعدها قامت أحد الشركات بتصنيع القطعة الباهر حتى أصبحت أعمل لهم تصاميم خاصة بهم بسبب نجاح هذا التصميم , القطعة كانت مكونة من الالماسالابيض والأسود ذات تصميم غريب منفرد بحد ذاته .
– كيف يتم اختيار التصاميم ؟
هناك اكثر من طريقة لاختيار التصميم تتعلق بالمشروع الذي نعمل عليه , مثل الكاتب يكتب القصة ثم يبني عليها الشخصيات , بداية أبني الحكاية ثم أجمع العناصر الخاصة بها وتحديد الشخصيات وهي قطع المجوهرات  ولكل قطعة تركيبة , وإذا كانت أحد السيدات تريد صنع قطعة يتم الحوار معاه وفهم ماتحب وشكل جسمها  ومايليق به لإنجازالتصميم الذي تريد .
– كم تستغرق القطعة من وقت لتصنيعها ؟
حسب حجم القطعة وتفاصيلها وتعقيدها , القطعة الخفيفة تأخذ من 4-5 أيام عمل , والقطعة الكبيرة قد تصل لأشهر حسب التفاصيل الموجودة فيها , والمجوهرات اليومية لاتستغرق وقت كثير , فيتم الصب مباشرة عندمايجهز التصميم .
– من أين تحصلين على المواد الأولية؟
المصادر حسب نوع الحجر المستخدم بالقطعة , هناك مدن لتلك الاحجار متل جيبور في الهند التي فيها تنوع كبير من المناجم والاحجار الكريمة , إضافة لبعض المناطق المحيطة بها  مثل إيران , افغانستان  , روسيا , أوروبا, والبرازيل إضافة للذهب الموجود في إفريقيا .
– ما المهارات الواجب أن تتوفر بالشخص ليكون مصمم مجوهرات؟
بداية لابد من توفر موهبة الرسم والخيال الواسع والحس الهندسي , إضافة للخبرة والممارسة والدراسة الاكاديمية , واليوم تطورت تلك الصناعة حيث دخل فيها معدات مهمة وبرامج تطبيقية على الكومبيوتر , وعلى المصمم ان يكون ذو ثقافة عالية واطلاع بما يخص المجوهرات .
– هل تعملين لوحدك أم هناك فريق عمل؟
بالبداية كنت الشخص الوحيد بالعلامة التجارية التي أسستها , واليوم لدي فريق عمل كل فريق مسؤول على جزء ما , والنجاح يتطلب وجود فريق عمل للحصول على أفضل النتائج .
– بما أن صناعة المحوهرات تتطلب التعامل مع الأحجار الكريمة فلابد من معرفة تلك الأحجار نوعها ، خصائصها وتناغمها مع العناصر الأخرى، كيف تحققين ذلك؟
لايمكن العمل بمادة لانفهمها لذلك درست علم الاحجار الكريمة وأستطيع تصنيفها ومعرفة العمليات التي طرات عليها من صقل أو أي عملية كيميائية لإبراز أي لون معين فيها أو نقاوة ,وبتطور هذا العلم من الواجب معرفة قيمة الحجر بين يدينا ودرجة الندرة لمعرفة تصنيفه وإعطائه قيمته الحقيقية .
– ما أهمية الالتزام بمعايير الجودة والتميز لإبراز جمال كل قطعة؟
معايير الجودة من أهم المراحل وانا أدقق جداً بذلك منذ اللحظة الأولى , فالتصميم يمكن تنفيذه بطريقة راقية وجميلة وأنيقة ويمكن تنفيذه بطريقة تسرق جماليته وتقلل منها , فجمال التصميم غير مهم بل الإنتاج النهائي , والقطعة بالنسبة لي لا أقبلها إلا بجودة عالية وجهها مثل خلفيتها وإذا لم أقتنع بالجودة والمعايير اكسر القطعة وأذوبها وأصنعها من جديد .
– من هي الشخصيات التي اقتنت مجوهراتك؟
هناك شخصيات كثيرة تحديداً بالوطن العربي سواء بالوسط الفني أو المشاهير والمثقفين وطبقات المجتمع المختلطة  , إن معظم المقتنين من  الطبقة المثقفة التي تقدر العمل الفني  , والكثير من المشاهير العرب تُوّجت مناسباتهم بمجوهراتي .
– كيفية العناية بالقطعة والحفاظ عليها ؟
يقال إذا احببت شخص عامله كاالجوهرة , فالجواهر بحاجة للعناية , فالحجر حساس والذهب معدن طري قابل للخدش , فلابد من الاحتفاظ بهم بطرق وأماكن معينة بحيث لايتعرضوا للضغط أو الخدش .
– شاركت بالعديد من المعارض والمهرجانات ما الذي أضافته لك، ومادورها بانتشار تصاميمك؟
المعارض هي الاداة الاولى للانتشار لتقديم أي عمل فني , شاركت بالعديد من المعارض العالمية والمحلية مما ساعدني على الانتشار
ويكون لدي منصة لعرض أعمالي , والمعارض تحقق تغطية إعلامية جيدة والإعلام مهم بالنسبة لنا لنكون موجودين ومنتشرين .


– أطلقت عدة مشاريع بتوقيع مجوهراتك مثل مشروع مجموعة العشق الأربعون ، مجموعة الياسمين الدمشقية ، مجموعة أسرار  لها علاقة بالشعر والخط العربي وغيرها ، ما الرسالة التي أردت إيصالها من خلالها ؟
كل مجموعاتي تحكي حكاية , فالمجموعة الاخيرة التي أطلقتها منذ مدة قصيرة ( قواعد  العشق ) مزيج من عدة أنواع للفنون , بداية القطعة الرئيسية بالتصميم  النحت على الصدف  حيث يقوم النحات بنحت الصدفة ويدعى بإيطاليا الكامايو وهو مختص بنحت الوجوه وانا  ادخلت تلك التقنية وهذا النوع من الفن  باستعمال الخط العربي من الشعر الصوفي بالتعاون مع أحد أهم الخطاطين العرب د. احمد مفتي حيث وضع لمساته الرائعة من الخط العربي على القطعة , فانا أقوم بتصميمها وهو يضع الخط والشعر الذي أختاره والنحات الإيطالي ينحتها دون أن يعرف قراءتها , حيث يأخذها بجملتها الفنية . ولدي مجموعة بعنوان الياسمينة الدمشقية , هي رسالة حب  لدمشق مدينتي وعشقي بالوقت التي كانت فيها موجوعة ومنهكة , ليعلم الناس أن بلدي جميلة بالرغم مما مرّ عليها , فهي توزع عطرها للعالم أجمع .
– تصاميمك خاصة بالمرأة أم للرجل حصة بتصاميمك؟
كل شخص يحب المجوهرات سواء مراة او رجل أو طفل  , انا لست متخصصة بمجال واحد والرجل له نصيب خاصة انه كان من أشد الناس المقتنين للمجوهرات , واليوم عاد ليرتديها ومن مكملات الاناقة لديه وقد واكبت هذا الموضوع بدقة .
– تمتلك المجوهرات صفات كثيرة ما الصفات  التي تجمعكما سويا ؟
أنا عاشقة للون والبريق فمن صغري يلفت نظري أي بريق , أحب النور والألوان والفخامة , يجمعني بالمجوهرات كل تفاصيل الاناقة والعشوائية أحيانا, ولو لم أكن اعمل بالمجوهرات سأكون أعمل بشيئ له علاقة بالفن , يجمعني الكثير بتلك المهنة وقد خلقت لأكون فيها .


– نلتِ الكثير من التكريمات ماهي ؟
منذ عام 2000 لليوم كل سنة لدي تكريم على مستوى العالم , نلت الكثير من الجوائز أولها من مجلس الذهب العالمي , ونلت جائزة أفضل مصمم مجوهرات , وجائزة الملهم لهذا العام , انا فخورة بتلك المسيرة الطويلة , واعتبر نفسي من الجيل الاول الذي أسس مهنة تصميم المجوهرات , ومن الاوائل بالشرق الاوسط الذين أنشؤوا عنوان مصمم المجوهرات .


– أنتِ أم كيف كنت توزعين الوقت بين عملك وبيتك  ؟
أنا أم لثلاثة أبناء , والأمومة لا تعرقل الإبداع بل هي ملهمة , فمن خلال إحساسي بالأمومة وعاطفتي القوية استطعت التوفيق بين الجهتين بتنظيم الوقت , وأنا شخص نظامي أبدأ نهاري باكراً , قادرة أن أكون منتجة وأمارس أمومتي .
– الفن ليس له حدود وهو مرآة الشعوب كيف تخدمين المجتمع من خلال فنك؟
نحن الفنانين اكثر من نُحس بمسؤولية مجتمعية والتعبير عنها لأننا بطبعنا عاطفيين , لدينا العمق  والعلاقة مع كل شيء حولنا من الشخصيات والاحداث والاماكن , فنحن لايمكن أن ننفصل عن المجتمع لأننا جزء منه , نفتش دائما عن اللغة التي نحاور بها تلك المجتمعات .
– في ظل العولمة والتكنولوجيا برأيك هل سيكون تصاميم مجوهرات من إنشاء الذكاء الاصطناعي ، وماتأثيره على مستقبل صناعة المجوهرات؟
الذكاء الاصطناعي يعمل على تغيير بسرعة الاشياء وليس بجودتها , هو يعطي أكثر من خيار لكن دون روح , فأي مصمم سيعطي لأي قطعة جودة و اداء من روحه , وتصميمه ليس صامت بل فيه قصة وحكاية وشعور .
– كلمة أخيرة
أتمنى من الناس ان ترى المجوهرات بعمق بالنظر إليها  وليس كسلعة مباعة , فهي أحد اجمل الفنون التي تحكي اجمل الحكايا والقصص .
كل الشكر للمصممة المتميزة مها سباعي التي أبدعت بتصاميمها لتكون من الأوائل بتصميم المجوهرات .
انها نموذج للمرأة السورية التي عكست الجمال بشكل آخر لتكتب اسمها على الثمين من المجوهرات والأحجار الكريمة…هي امتداد لزنوبيا ولغيرها من السوريات الذين ساهمو بالحضارة السورية بكل أشكالها لتكون منارة للعالم تنشر نورها كما الياسمين الدمشقي ينثر عطره بكل ركن دمشقي.