أقام “مركز جسور إنترناشيونال للإعلام والتنمية” بالتعاون مع “المنتدى العربى الأوروبي للحوار” في جنيف أمس، فعالية حول العدالة المناخية والمسؤولية الدولية والتحديات الإنسانية الناجمة عن التغيرات المناخية وذلك على هامش أعمال الدورة الثالثة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان.
وأكد المشاركون في الفعالية، أن التغيرات المناخية والآثار الناجمة عنها باتت تؤثر على دول العالم كافة بما فيها الدول الكبرى وشعوبها، مطالبين الدول الصناعية الكبرى بأن تتخذ من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP 28″، الذي تستضيفه الإمارات بمدينة “إكسبو دبي”، خلال شهر نوفمبر المقبل، منصة لإعلان التزامها بالاتفاقيات التي توصلت إليها في باريس وغيرها، وأن تأخذ بعين الاعتبار أهمية تحقيق العدالة المناخية من خلال تقديم التمويل المطلوب الذي كانت الدول الكبرى قد التزمت بتقديمه للدول النامية لمساعدتها على مواجهة آثار التغير المناخي ومدها بالتكنولوجيا المطلوبة لمواجهة التحديات القائمة في هذا الشأن.
فمن جانبه قال محمد الحمادي رئيس مركز “جسور انترناشيونال للإعلام والتنمية” في مداخلته خلال الفعالية، إن التحدي الذي تطرحه التغيرات المناخية اليوم يواجه كل سكان الكوكب، داعيا الأطراف المعنية إلى الوفاء بالتزامات اتفاقية المناخ التي أُبرمت في باريس عام 2015، ومشددا على أن مشكلة المناخ باتت تحديا وجوديا يحتاج تضافر الجهود الدولية كافة بما في ذلك الالتزام بما تم الاتفاق عليه في قمة كوبنهاجن، عبر تقديم 100 مليار دولار للبلدان النامية لمساعدتها في هذا المجال، على أن لا تكون في صورة قروض تزيد من أزماتها.
وأكد الحمادي ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة مشكلة التغيرات المناخية خاصة ما يتعلق بمسألة العدالة المناخية وعدم التمييز، علاوة على تحقيق الشفافية والشمول إلى جانب الحاجة إلى معرفة المعلومات الحقيقية والأرقام الصحيحة حول طبيعة ومدى خطورة المشكلة.
ونوه إلى أن منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج، حيث تستضيف الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP 28” بمدينة “إكسبو دبي” خلال شهر نوفمبر المقبل، من المناطق التي تعرف جيدا مشكلة المناخ وما ينتج عنها من آثار تمثل تحديات كبيرة لدولها مثل شح المياه وما تعانيه معظم دول المنطقة من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة.
وأضاف الحمادي أن التحديات الناجمة عن التغير المناخي كثيرة، وأن على بلدان العالم أن تستحضر ما حدث في عام 2020 الذي شهد تضامنا عالميا غير مسبوق لمواجهة جائحة كورونا؛ حيث شعر الجميع ساعتها أن هناك خطرا واحدا وتحديا واحدا.
من ناحيته قال جايانت نارايان، المتخصص في الذكاء الاصطناعي وتقنيات المناخ، إن تحقيق العدالة المناخية يوجب على الدول المتقدمة أن تلتزم بمسألة وصول التكنولوجيا اللازمة إلى الدول النامية، والتي يمكن أن تلعب دورا مهما في وضع حلول لمواجهة آثار التغير المناخى.
وأضاف أن تعريف العدالة المناخية يبقى وإلى حد كبير، محصورا في هذه التكنولوجيا، لافتا إلى أن هناك تقدما بدأ يحدث على صعيد تعزيز القدرات في المجال الخاص بتكنولوجيات وتقنيات المناخ.
ونوه إلى ما تعانيه البلدان الصناعية الكبرى أيضا من مشاكل وتأثيرات على صعيد التغير المناخي، نتيجة تزايد كثافة نسب غازات الاحتباس الحراري وما ينجم عنها من حرائق غابات وفيضانات تعرضت لها كغيرها من البلدان النامية، مشيرا إلى أن مشكلة التمويل تبقى قائمة وتعيق مواجهة التحديات المناخية في عالم اليوم، ومعربا عن أمله فى أن يتم التوصل إلى حلول حقيقية وعملية لهذا التحدي في “COP 28”.
وأشاد نارايان بما تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة من تطور هائل في قدراتها في مجال المناخ، منوها بالتزامها الشديد بما تم التوصل إليه في اتفاقية باريس مؤكدا أنها باتت مثالا يحتذى في هذا المجال دوليا.
من ناحيته قال أيمن نصري، رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان في مداخلته، إن قضية العدالة المناخية أصبحت من أهم القضايا التي تفرض نفسها بقوة على الأجندات الدولية، لافتا إلى أن القضايا المتعلقة بتغير المناخ ومدى تأثيرها على تحقيق مبدأ العدالة المناخية وحجم التدهور المستمر في البيئة الطبيعية منذ بدايات سبعينيات القرن العشرين، أدت إلى تزايد إدراك المجتمع الدولي ووعيه دولا ومجتمعا مدنيا لخطورة ما تتعرض له الطبيعة من اعتداءات وما ينتج عن ذلك من تلوث شامل لها بجميع عناصرها ومواردها على نحو يهدد بقاء النوع الإنساني، بل وبقاء الكائنات الحية، ما أسهم في التفات المجتمع الدولي إلى هذه المشكلة العالمية.
وأشار نصري إلى أن السياسات الوطنية للتصدي لمشكلة التدهور المستمر في البيئة الطبيعية، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية وحدها لمعالجة آثارها الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة على الدول والمجتمعات كافة خاصة الفقيرة منها، لافتا في هذا الصدد إلى أن “منظمة الأرصاد الجوية العالمية” و”برنامج الأمم المتحدة للبيئة” وضعا الهيكل المؤسسي للتعامل مع مشكلة تغير المناخ بتأسيس المجلس الحكومي الدولي الخاص بالتغير المناخي، في عام 1988، والذي أصدر بدوره أول تقرير عن تقييم هذه الظاهرة في عام 1990 أوضح أبعاد المشكلة وتأثيراتها المحتملة.
وحذر من أن تداعيات تغير المناخ ستكون أكثر وطأة وحدّة على الفقراء، سواء على مستوى الدول أو المجتمعات أوالشعوب، ما يظهر الأبعاد الأخلاقية للقضية وضرورة وضع قضية حقوق الإنسان في الصدارة عند بحث تغير المناخ وتداعياته وسبل مواجهته.