«وليد جنبلاط يهدي أحمد الشرع إرثاً فكرياً خالداً: سيرة الأمير شكيب أرسلان»

بقلم الدكتور: نضال العنداري

في خطوة تحمل دلالات ثقافية وتاريخية عميقة، قدّم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هدية رمزية ذات قيمة عالية إلى أحمد الشرع. الهدية جاءت على شكل كتاب يتناول سيرة الأمير شكيب أرسلان، جد وليد جنبلاط، الذي يُعدّ أحد أبرز الشخصيات الفكرية والسياسية في العالم العربي خلال القرن العشرين.
رمزية الإهداء
هذا الإهداء ليس مجرد تبادل بروتوكولي عابر، بل هو لقاء فكري وروحي يعكس عمق الترابط بين القيم الإنسانية النبيلة والفكر السياسي المستنير. إنه يمثل رسالة ثقافية عميقة تؤكد على أهمية الإرث الفكري في بناء جسور الحوار وتعزيز التواصل بين الثقافات والشعوب.
الأمير شكيب أرسلان، المعروف بلقب «أمير البيان»، لم يكن مجرد شخصية أدبية أو سياسية، بل كان أيقونة فكرية شامخة، حمل راية الوحدة العربية والإسلامية في زمن الانقسام والضعف. كان رمزاً للنضال ضد الاستعمار بشتى أشكاله، ومدافعاً شرساً عن حقوق الشعوب في الحرية والكرامة.
شكيب أرسلان لم يكتفِ بدور المقاوم، بل كان مفكراً عميقاً رأى أن النهضة الحقيقية لا تأتي إلا من خلال الارتقاء بالهوية الثقافية والوعي الجمعي. في كتاباته وخطاباته، زرع بذور الإلهام والتغيير، داعياً إلى التمسك بالقيم الأصيلة مع الانفتاح على التطور والمعرفة.

هذا الإهداء يحمل في طياته تحية إجلال لهذا الرمز الذي استطاع بصوته وكلماته أن يلامس القلوب ويحرك العقول، ليصبح شاهداً حياً على قدرة الفكر على إحداث تغيير جوهري في مسار التاريخ. إنه تذكير بأن الإرث الفكري ليس مجرد صفحات مكتوبة، بل هو شعلة تنير الدروب للأجيال القادمة، وتظل صوتاً صادقاً يعبر عن آمال الأمة وطموحاتها.
لمحة عن الكتاب
يتناول الكتاب السيرة الذاتية والفكرية للأمير شكيب أرسلان، مسلطاً الضوء على نضاله من أجل قضايا الأمة، ومواقفه السياسية التي دعت إلى التحرر والوحدة. كما يُبرز إسهاماته الأدبية والفكرية، حيث كان أرسلان كاتباً متميزاً ومفكراً واسع الأفق، ترك بصمة لا تُنسى في الأدب العربي والسياسة.
الكتاب يُظهر أيضًا كيف واجه أرسلان تحديات عصره، مقدماً نموذجاً للقائد الذي يجمع بين الكلمة والقوة، وبين الفكر والعمل. هذه القيم هي ما يسعى وليد جنبلاط لتذكيرنا بها من خلال هذا الإهداء.
أبعاد الهدية في السياق الحالي
في ظل الظروف الراهنة، يأتي هذا الإهداء كرسالة تجسد القيم التي كان الأمير شكيب أرسلان يدعو إليها، وهي الوحدة والحوار بين الشعوب والأمم. كما يعكس رؤية وليد جنبلاط لأهمية بناء الجسور الثقافية والسياسية بين لبنان وسوريا في هذه المرحلة الحساسة.
بالإضافة إلى ذلك، يُظهر الإهداء إيمان جنبلاط بأن التاريخ والفكر هما أدوات رئيسية لفهم الحاضر والتخطيط للمستقبل. اختيار هذا الكتاب بالتحديد يُبرز التزامه بتذكير الأجيال الحالية بالقيم التي قامت عليها النضالات الوطنية والقومية.
ختاماً
إهداء وليد جنبلاط هذا الكتاب إلى أحمد الشرع يُعدّ أكثر من مجرد حركة رمزية؛ إنه دعوة للتفكر في القيم الإنسانية المشتركة التي يمكن أن تجمع بين الشعوب، حتى في أوقات التباعد والخلاف. إنه تأكيد على أن الحوار يبدأ من الجذور الثقافية والفكرية، وأن إرث الشخصيات التاريخية مثل الأمير شكيب أرسلان يمكن أن يكون مصدر إلهام في بناء جسور السلام والتفاهم.