د. عثمان محمد غانم و رحلته في الاغتراب وهذه حصيلة إنجازاته، إليكم التفاصيل

متابعة: المهندسة هناء صالح

غادر الوطن ولم يغادره في خلجات قلبه , اضطر بسبب الظروف ليكمل مشوار حياته وحلمه خارج الوطن ليثبت للجميع أن السوري ابن حضارة عريقة يجب أن يعرفها الجميع وكذلك كان ضيفنا لحلقة اليوم من المغترب د. عثمان محمد غانم خبير بمجال الاقتصاد التطبيقي والذي كان له بصمة مميزة في الصين بلد إقامته الحالي.
_والبداية من هو الدكتر عثمان محمد غانم؟
دكتوراه في الاقتصاد التطبيقي (دراسة عملية: مبادرة الحزام والطريق(OBOR))، جامعة الاتصالات في بكين.
_حبذا لو تخبرنا عن تاريخ مغادرتك القطر و ماهو السبب؟
غادرت سوريا في شهر آب عام 2012 وذلك بسبب حصولي على منحة دراسية من قبل الجانب الصيني لدراسة الماجستير في العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي في بكين وبعد الانتهاء من هذه المرحلة درست اللغة الصينية ومن ثم الانخراط في أبحاث الدكتوراه في الاقتصاد التطبيقي والتخصص في مبادرة الحزام والطريق.
_حدثنا عن مبادرة الحزام والطريق من خلال وجهة نظرك كخبير وباحث اقتصادي؟
تعد مبادرة الحزام والطريق رؤية استراتجية وضعها الرئيس الصيني شي جينبينغرسميًا في قلب السياسة الصينية في سبتمبر 2013، تهدف الحكومة الصينية من هذه المبادرة إلى ربط الصين بشركائها من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا وشرق آسيا وآسيا الوسطى وجنوب آسيا ودول أوروبية مختلفة، في الحزام الاقتصادي لطريق الحرير (SREB)، وطريق الحرير البحري (MSR)، وطريق الحرير الرقمي (DSR), يُطلق على الطريق البري لـ SREB و البحري لـ MSR معًا اسم الحزام والطريق(One Belt One Road)، وتتزايد أهمية مبادرة(OBOR)يوم بعد يوم، ووفقًا للمعلومات الرسمية الصينية، بنهاية 2023 وقعت 152 دولة ومنظمة دولية وإقليمية مذكرات تفاهم لتكون جزء من مبادرة الحزام والطريق.
يعمد طريق SREB على ستة ممرات اقتصادية للطرق البرية, الممر الاقتصادي بين الصين ومنغوليا وروسيا (CMREC)، الممر الاقتصادي للجسر البري الجديد لأوراسيا (NELBEC)، الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا (CCWAEC)، الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان (CPEC)، والممر الاقتصادي بين بنغلاديش والصين، الممر الاقتصادي بين الهند وميانمار، والممر الاقتصادي لشبه جزيرة الهند الصينية (CICPEC) ، بينما يعتمد طريق MSR على الطريق البحري الذي يربط الصين بموانئ بحرية مختلفة عبر تطوير البنية التحتية البحرية في بلدان OBOR المختلفة. أما طريق الحرير الرقمي (DSR) فالهدف منه هو بناء طريق حرير رقمي من خال تشجيع قطاع تكنولوجيا المعلومات في الصين على المشاركة في العالم الرقمي العالمي.
تعمل مبادرة OBOR على زيادة الاتصال الجغرافي والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى نمو التجارة البينية على طول بلدان OBOR وبالتالي تنشيط التجارة العالمية، حيث شهدت حجم التجارة الخارجية للصين مع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق خلال السنوات العشر الأخيرة استقرار وارتفاع نسبي نتيجة قيام الصين ومن ورائها مبادرة الحزام والطريق بالحفاظ على سلاسل الإمداد وازدياد النشاط التجاري والاستثماري فيما بينهم .ومع ذلك لا ينبغي لنا الاستهانة بالتحديات التي تواجهها المبادرة اثناء التنفيذ، وتتنوع هذه التحديات الى تحديات جغرافية وسياسية واقتصادية وثقافية. حيث يرى العديد من المحللين والخبراء إنه من الصعب تحقيق اهداف المبادرة بسبب الحواجز الجغرافية، كذلك وجود اختلافات كبيرة في مستوى الدخول في بلدان الحزام والطريق، حيث لا تزال معظم البلدان الواقعة على طول ممرات الحزام والطريق فقيرة. وهناك أيضًا اختلافات كبيرة في التجارة البينية وحصة التجارة الصينية مع البلدان الواقعة على طول ممرات الحزام والطريق. على سبيل المثال تعتبر درجة التجارة البينية في وسط وغرب آسيا وجنوب آسيا منخفضة نسبياً مقارنة بالتجارة البينية في أوروبا الوسطى والشرقية وجنوب شرق آسيا، حيث عكس الحصص التجارية ضعف اتصال البلدان في مبادرة الحزام والطريقمما يعيق أيضًا تطوير روابط التجارة ,علاوة على ذلك إن الاختلاف في الكثافة الطرقية والسككية في دولالحزام والطريقتشير إلى أن معظم دولالمبادرة لها شبكات نقل محدودة والعديد منها تمتلك نسب منخفضة للغاية من الطرق المعبدة إلى إجمالي الطرق، كما أن حركة السكك الحديدية محدودة إلى حد ما, كل هذه الحقائق تشير إلى الحاجة إلى تطوير شبكات النقل حتى تصبح رؤية مبادرة الحزام والطريق(OBOR) حقيقة واقعة. كما إنه من خلال تتبع مصادر البيانات التي يمكن استخدامها لتقييم مستويات تيسير التجارة بين الاقتصادات في ممرات الحزام والطريق، يعد عدد أيام التصدير والاستيراد وتكلفة التجارة في دولالمبادرة مرتفع نسبيا مقارنة بالمناطق الأخرى. على سبيل المثال، في حين يستغرق التصدير في اقتصادات مجموعة السبعة ثمانية أيام، فإن التصدير في وسط وغرب آسيا يستغرق حوالي خمسين يوم في المتوسط. وفي جنوب آسيا يستغرق الأمر حوالي ثمانية عشر يوم، حيث يسلط هذا التنوع الضوء أيضا على أهمية تحسين تيسير التجارة خاصة بالنسبة للبلدان الفقيرة في منطقةالمبادرةلتقليل تكلفة التجارة وتحفيز إحياء التجارة في البلدان الواقعة على طول ممرات المبادرة.كما تعمل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة علىإطلاق مبادرات منافسة لمبادرة الحزام والطريق وكان آخرها الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (Indian –Middle East –Europe Economics Corridor IMEC)، والذي يمكن ان يؤثر على المبادرة الصينية بهدف استهداف نفوذ الصين العالمي والإقليمي، إلا إنه ما نراه على ارض الواقع أن الصين ستلقي بثقل أكبر في مشروع الحزام والطريق من خلال تكثيف التمويل في مشاريع البنية التحتية ولدول الحزام والطريق.
بشكل عام تعتبر مبادرة(OBOR) من المبادرات الواسعة النطاق والمعقدة، حيث لا تزال آثارها وتأثيراتها المحتملة على التجارة في انتظار إجابات حاسمة، والتحدي الكبير في مبادرة الحزام والطريق(OBOR)عندما تتعرض التجارة للاختناق بسبب العديد من الحواجز التي تحول دون ربط وسائل النقل من مختلف البلدان بسبب عدم كفاية قدرة البنية التحتية وتكلفة نقل البضائع و العوامل الطبوغرافية مثل الصحاري أو المناطق الجبلية، بالإضافة إلى الحواجز القانونية والتنظيمية، وتمويل المشاريع وأمنها، والأمن المحيط بطرق التجارة. لذلك يوصي الخبراء حكومات دول المبادرة بأن يظل الاستثمار في البنية التحتية ذات الصلة بالتجارة والنقل مثل الموانئ والطرق والسكك الحديدية والاتصالات أولوية ويجب توفير التمويل الكافي لهذا الغرض. وهو ما تقوم به الحكومة الصينية في مجموعة من الإصلاحات العديدة في استراتيجية تنمية مبادرة الحزام والطريق (OBOR) لتعزيز البنية التحتية للنقل على الطرق البرية والبحرية والممرات الاقتصادية التي تلعب دورًا حيويًا في تحسين النمو الاقتصادي والاستقرار.